البيمارستان
المنصوري :
هذا البيمارستان بخط بين القصرين من القاهرة كان قاعة
للسيدة الشريفة ست الملك ابنة العزيز بالله نزار بن المعز لدين الله أبي تميم معد
وأخت الحاكم بأمر الله منصور ثم عرف بدار الأمير فخر الدين جهاركس بعد زوال الدولة
الفاطمية وبدار موسك ثم صارت للملك المفضل قطب الدين أحمد ابن الملك العادل أبي
بكر بن أيوب, فاستقربها هو وذريته فصار يقال لها الدار القطبية, ولم تزل بيد ذريته
إلى أن أخذها الملك المنصور سيف الدين قلاوون الألفي الصالحي من الست الجليلة عصمة
الدين مؤنسة خاتون القطبية ابنة الملك العادل وأخت الملك المفضل قطب الدين أحمد,
وعوضت عن ذلك القصر الزمرد برحبة باب العيد في 18 ربيع الأول وقيل في 12 منه سنة
682هـ - 1283م بمباشرة الأمير علم الدين سنجر الشجاعي مدبر الممالك ورسم بعمارتها بيمارستاناً
وقبة ومدرسة.
تولى الشجاعي أمر العمارة وأظهر من الاهتمام والاحتفال ما لم يسمع بمثله حتى تم الغرض في أسرع مدة وهي أحد عشر شهراً وأيام, وكان ذرع هذه الدار عشرة آلاف وستمائة ذراع, وكان الشروع في بنائها بيمارستاناً في أول ربيع الآخر سنة 683 هـ - 1284م فأبقى القاعة على حالها وعملها بيمارستاناً وهي ذات إيوانات أربعة بكل إيوان شاذروان وبدور قاعتها فسقية يصير إليها الماء من إيوان شاذروان ولما أنجزت العمارة وقف عليها الملك المنصور من الأملاك بديار مصر القياس والرباع والحوانيت والحمامات والفنادق والأحكار وفي ذلك والضياع بالشام ما يقارب ألف ألف درهم في كل سنة ورتب مصارف البيمارستان والقبة والمدرسة ومكتب الأيتام ووكل الأمير عز الدين أبيك الأرم الصالحي أمير جندار في وقف ما عينه من المواضع وترتيب أرباب الوظائف وغيرهم.
وجعل النظر لنفسه أيام حياته ثم من بعده لأولاده ثم من بعدهم لحاكم المسلمين الشافعي فضمن وقفه كتاباً تاريخه يوم الثلاثاء ثالث عشر شهر صفر سنة 680 هـ /1281 م يونية ولما تكامل ذلك ركب السلطان وشاهده وجلس بالبيمارستان ومعه الأمراء والقضاة و العلماء وأخبر بعض من شهد السلطان وشهد عليه أنه استدعى قدحاً من الشراب فشربه وقال قد وقفت هذا على مثلي فمن دوني وأوقفه السلطان على الملك والمملوك و الكبير والصغير والحرُّ و العبد والذكر والأنثى, وجعل لمن يخرج منه من المرضى عند برئه كسوة ومن مات جهزه, وكفن ودفن ورتب فيه الحكماء الطبائعية والكحالين والجرائحين والمحبرين لمعالجة الرُّمد والمرضى والمجرحين والمكسورين من الرجال والنساء , ورتب به الفراشين والفراشات والقومة لخدمة المرضى وإصلاح أماكنهم وتنظيفها وغسل ثيابهم وخدمتهم في الحمام , وقرر لهم ذلك الجامكيات الوافرة وعملت التخوت والفرش والطراريح والأقطاع والمخدات واللُّحف والملاءات لكل مريض فرش كامل, وأفراد لكل طائفة من المرضى أمكنة تختص بهم, فجعلت الأواوين الأربعة المتقابلة للمرضى بالحميات وغيرها, وجعلت قاعة للرمد وقاعة للجرحى وقاعة لمن أفرط به الإسهال وقاعة للنساء ومكان حسن للممرورين من الرجال ومثله للنساء والمياه تجرى في أكثر هذه الأماكن وأفردت أماكن لطبخ الطعام والأشربة والأدوية والمعاجين وتركيب الأكحال والشيافات والسفوفات وعمل المراهم والأدهان وتركيب الدرياقات وأماكن لحواصل العقاقير وغيرها من هذه الأصناف المذكورة ومكان يفرق منه الشراب وغير ذلك مما يحتاج إليه ورتب فيه مكان يجلس فيه رئيس الأطباء لإلقاء درس طب ينتفع به الطلبة , ولم يحصر السلطان أثابه الله هذا المكان المبارك بعده في المرضى يقف عندها المباشر ويمنع من عداها بل جعله سبيلاً لكل من يصل إليه في سائر الأوقات من غني وفقير ولم يقتصر أيضاً فيه على من يقيم به من المرضى بل رتب لمن يطلب وهو في منزله ما يحتاج إليه من الأشربة والأغذية والأدوية حتى إن هؤلاء زادوا في وقت من الأوقات على مائتين غير من هو مقيم بالبيمارستان. ولقد باشره في شوال سنة 703 هـ وإلى آخر رمضان سنة 707 فكان يصرف منه في بعض الأيام من الشراب المطبوخ خاصة.
من أين بني البيمارستان المنصوري؟
في
سنة 649 أمر المعز بإخلاء قلعة الروضة ولم يترك بها أحداً . ثم إن الملك المنصور
قلاوون لما أراد عمارة البيمارستان أخربها وأخذ حواصلها وعمر بها البيمارستان
والمدرسة والتربة. ولما تمت عمارة المدرسة والبيمارستان وكان على عمارتها الأمير
علم الدين سنجر الشجاعي , دخل عليه الشرف البوصيري فمدحه بقصيدة أولها :
أنشأت
مدرسة و بيمارستاناً لتصحح
الأديان و الأبدانا
سبب
بناء البيمارستان:
كان
سبب بناء البيمارستان المنصوري أن الملك المنصور لما توجه وهو أمير إلى غزاة الروم
في أيام الظاهر بيبرس سنة 675 هـ - 1276 م , أصابه بدمشق قولنج عظيم فعالجه
الأطباء بأدوية أخذت له من بيمارستان نور الدين الشهيد فبرأ وركب حتى شاهد البيمارستان
فأعجب به ونذر إن آتاه الله الملك أن يبني بيمارستاناً فلما تسلطن أخذ في عمل ذلك
فوقع الاختيار على الدار القطبية وعوض أهلها عنها قصر الزمرد وولى الأمير علم
الدين سنجر الشجاعي أمر عمارته.
الثقة
بالبيمارستان المنصوري :
للدلالة
على ما كان للبيمارستان المنصوري من الثقة في نفوس الناس نذكر بعض الذين عولجوا به
من أكابر العلماء ومشاهير الوقت منهم:
1-
عثمان
بن علي بن عثمان بن إسماعيل بن يوسف قاضي القضاة فخر الدين المعروف بابن خطيب
جبرين قاضي حلب مولده في ربيع الآخر سنة 662 هـ بالحسينية بالقاهرة مرض بالبيمارستان
المنصوري ومات به سنة 738 هـ .
2-
زين
الدين أبو يحيى زكريا الأنصاري رأس القضاء الشافعي توفي سنة 926 هـ بالبيمارستان
بالقاهرة.
والرحالة
ابن بطوطة يقول عن البيمارستان المنصوري " وأما البيمارستان الذي بين
القصرين عند تربة الملك المنصور قلاوون فيعجز الواصف عن محاسنه, وقد أعد فيه من
المرافق والأدوية ما لا يحصر , ويذكر أن مجباه - أي مصاريفه - ألف دينار كل يوم
" .
قال
فيه خالد البلوي " كان يعالج المرضى به من قناطير الأشربة المقطرة
والأكحال الرقيقة الطيبة التي تسحق فيها دنانير الذهب الإبريز وفصوص الياقوت
النفيس وأنواع اللؤلؤ الثمين فشيء يهول السماع ويعم ذلك الجميع, إلى ما يضاف إلى
ذلك كله من لحوم الطير و الأغنام على اختلافها وتباين أصنافها مع ما يحتاج إليه كل
واحد ممن يوافيه ويحل فيه لفرشه وعرشه من غطاء ووطاء ومشموم ومذرور وشبه ذلك مما
هو معدٌّ على أكمله وما ليس مثله الا في منزل أمير أو خليفة وقد رتب على ذلك كله
من الأطباء الماهرين والشهود المبرزين والنظار العارفين والخدام المتصرفين, كل من
هو خبير في معالجته موثوق بعدالته, مسلّم له في معرفته, غير مقصر في تصرفه وخدمته
ولو استقصيت الكلام في هذا البيمارستان وحده لكان مجلداً مستقلاً بنفسه, أو في
مبانيه الرائعة وصناعاته الفائقة وتواريخه المذهبة ونقوشه العجيبة المنتخبة التي
ترفل في ملابس الإعجاب وتسحر العقول والألباب ما يفتن النفوس ويكشف أنواع البدور
والشموس وتعجز عن وصف بعضها خط الأقلام في ساحة الطروس فما وقعت عيني على مثله ولا
سمعت اذن بشبهه وشكله".
قال
فيه غومارا أحد الذين استقدمهم نابليون إلى مصر" أنشئ في
القاهرة منذ خمسة قرون أو ستة, عدة بيمارستانات, تضم الأعلاء والمرضى والمجانين لم
يبق منها سوى بيمارستان واحد هو بيمارستان قلاوون, صرف عليه سلاطين مصر مالاً
وافراً وأفراد فيه لكل مرض قاعة خاصة مع طبيب خاص وللذكور فيه قسم منعزل عن قسم
الإناث وكان يدخله المرضى الفقراء والأغنياء بدون تمييز وكان يجلب إليه الأطباء من
مختلف جهات الشرق ويجزل لهم العطاء ويقال إن كل مريض كانت نفقاته في كل يوم
ديناراً وكان له شخصان يقومان بخدمته وكان المؤرقون من المرضى يعزلون في قاعة
منفردة يشنفون فيها آذانهم بسماع ألحان الموسيقى الشجية أو يتسلون باستماع القصص
يلقيها عليهم القصاص وكان المرضى الذين يستعيدون صحتهم يعزلون عن باقي المرضى
ويمتعون بمشاهدة الرقص وكانت تمثل أمامهم الروايات المضحكة وكان يعطى لكل مريض حين
خروجه من البيمارستان خمس قطع من الذهب حتى لا يضطر إلى الالتجاء إلى العمل الشاق
في الحال".
وقال
بريس دافن " كانت قاعات المرضى تدفأ باحراق البخور أو تبرد بالمراوح
الكبيرة الممتدة من طرف القاعة إلى الطرف الثاني, وكانت أرض القاعات تغطى بأغصان
شجر الحناء أو شجر الرمان أو شجر المصطكي أو بعساليج الشجيرات العطرية وكان
البلسان يؤتى به من عين شمس إلى البيمارستان لعلاج المرضى وقد كان يصرف من الوقف
على بعض أجواقٍ تأتي كل يوم إلى البيمارستان لتسلية المرضى بالغناء أو بالعزف على
الآلات الموسيقية ولتخفيف ألم الانتظار وطول الوقت على المرضى كان المؤذنون في
المسجد يؤذنون في السحر وفي الفجر ساعتين حتى يخفف قلق المرضى الذين أضجرهم السهر
وطول الوقت وقد شاهد علماء الحملة الفرنسية هذه العناية بأنفسهم".
جولة داخل البيمارستان المنصوري وندخل
داخل أروقة البيمارستان المنصوري من خلال ما كتبه قلاوون في وثيقة الوقف على ذلك البيمارستان
, والعادة أن عقد الوقف ينص على كل النشاطات التي تقوم بها المؤسسة وكيفية توزيع
مخصصات الوقف على كل نشاط , فقد جعل السلطان الانتفاع بالبيمارستان من حق كل
المرضى المسلمين من الرجال و النساء و الأغنياء و الفقراء من داخل القاهرة وخارجها
مهما اختلفت أمراضهم ومذاهبهم, والإقامة فيه للمريض إلى أن يتم شفاؤه والإقامة مع
كل التكاليف مجاناً لا يدفع فيها المريض شيئاَ .
وتعطينا
وثيقة الوقف فكرة عن الخدمات التي تؤدى للمرضى مثل توفير الأِسرَّة (جمع سرير)
والفراش والأدوية والعقاقير المختلفة والطعام المناسب لكل مريض حسب حالته الصحية ،
وتوفير الإضاءة والماء العذب وترتيب الفراشين والقيام بنظافة المكان وغسل ملابس
المريض وعمل حوائجه ومصالحه، أي رعاية كاملة يتمناها المريض في أحدث المستشفيات
المعاصرة. تتحدث الوثيقة عن تحضير الدواء داخل البيمارستان وتخزينها لحين الحاجة
وصرف الدواء لكل مريض ما يحتاج إليه دون زيادة أو نقصان .واهتمت الوثيقة بحالة
الجو في صيف القاهرة الحار فاشترط ضرورة صرف مراوح من الخوص لكي يستخدمها المريض
أثناء الصيف. وحرص الواقف على تغطية غذاء المرضى حتى لا يتلوث ، وأن يتناول كل
مريض غذاءه على حدة حتى لا تنتقل العدوى ،وكل ذلك لزيادة الحيطة ورعاية المرضى .
وعينت
الوثيقة رجلين يقوم أحدهما بوظيفة الصيدلي والآخر بوظيفة الممرض ؛ يتولى الأول حفظ
الأدوية والعقاقير ويصرفها حسب أوامر الأطباء، ويسلمها للرجل الثاني ليوزعها بنفسه
على المرضى ، وعليه أن يتأكد أن كل مريض قد تناول الدواء المخصص له،ومسئولية الممرض
أيضاً الإشراف على طعام المرضى..
Ulasan
Paling terkenal dan penting kepada pendidikan perubatan di Kaherah, Mesir pada abad ketujuh Hijrah Dikenali juga sebagai Dār al-Shifā’ dan Bimāristān Qalāwūn.Tapak asalnya adalah sebuah dewan yang dimiliki oleh Sitt al-Malik, anak perempuan kepada al-‘Aziz, pemerintah kerajaan Fatimiyyah. Setelah kejatuhan kerajaan Fātimiyyah, dewan tersebut dikenali dengan beberapa nama, iaitu Dār al-Amir Fakhr al-Din Jiharkas, Dār Mūsik, dan akhirnya al-Dār al-Qutbiyyah. Kemudian dewan tersebut diambil secara pampasan oleh Sultān Mansūr Qalāwūn pada 18 Rabiul Awal tahun 682 H (bersamaan 15 Jun 1283 M) untuk dijadikan sebuah hospital
Dibuka untuk semua golongan tanpa mengira kedudukan, jantina dan peringkat umur.Turut menerima biaya sepenuhnya daripada Sultan Mansūr sebanyak 1 juta dirham setahun.Empat buah dewan disediakan untuk pesakit wanita, pesakit yang mengalami luka, pesakit cirit-birit, dan pesakit yang dijangkiti penyakit mata.Selain daripada kemudahan sebuah perpustakaan perubatan dan bilik kuliah, terdapat pelbagai kemudahan lain yang disediakan termasuklah jururawat, saliran air ke seluruh bahagian hospital, tempat khusus untuk memasak makanan, dan tempat untuk menyediakan ubat dan menyimpannya
Para pesakit dibenarkan pergi menunaikan solat berjamaah di sebuah masjid yang terletak berhampiran.Terdapat juga para pembaca al-Quran dan guru ilmu syariah yang ditugaskan di masjid ini.Mengekalkan kecemerlangannya sehingga empat dekad selepas pembinaannya. Keadaan hospital yang begitu mengkagumkan ini dicatatkan oleh Ibn Batūtah (m. 779/1377) yang pernah melawatnya dan memuji keberkesanan pentadbirannya yang didokong oleh peruntukan yang mencukupi untuk menampung segala keperluan dan perbelanjaannya
Perkhidmatannya terus berlangsung hingga pertengahan abad ke-13 H/19 M. Bilik-bilik rawatannya dilaporkan dapat menampung seramai 100 orang pesakit pada satu-satu masa.Walau bagaimanapun, keadaannya selepas pertengahan abad ke-13 H/19 M semakin merosot dan hanya digunakan sebagai hospital mata sahaja.Mulai tahun 1952, hospital ini tidak lagi digunakan dan dijadikan sebagai salah sebuah bangunan bersejarah
No comments:
Post a Comment